علي بن الجهم و رائعته الشعرية (( عيون المها ))
هو علي بن الجهم بن بدر ينتهي نسبه بلؤي بن غالب، من قريش. شاعر رقيق الشعر، فصيح مطبوع، كان معاصرا لأبي تمام وصديقا له، خص بالمتوكل حتى صار من جلسائه، ثم أبغضه وغضب عليه لأنه كان كثير السعاية إلى بندمائه. نفاه المتوكل إلى خراسان فأقام مدة، ثم خرج إلى الشام وانتقل إلى حلب وأراد منها الخروج إلى غزو الروم، فخرج في قافلة اعترضتها أعراب من بني كلب فهرب منها من كان في القافلة وثبت علي وحده فقاتلهم قتالا شديدا وقتل في موضع يسمى (خساف) قريب من حلب وفيه دفن. قرأ كتب الفلسفة وناظر في قضايا علم الكلام، وهاجم المعتزلة والزنادقة، ولكن غلب عليه حب الأدب وقول الشعر. لم يمدح سوى الخلفاء، ومن أشهر قصائده قصيدته التي يمدح بها المتوكل و هي :
عـيون الـمها بين الرصافة iiوالجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
خـليلي مـا أحـلى الـهوى وأمـره أعـرفـني بـالحلو مـنه وبـالمرَّ ii!
كـفى بـالهوى شغلاً وبالشيب iiزاجراً لـو أن الـهوى مـما ينهنه iiبالزجر
بـما بـيننا مـن حـرمة هل iiعلمتما أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ii؟
و أفـضح مـن عـين المحب iiلسّره ولا سـيما إن طـلقت دمـعة iiتجري
وإن أنـست لـلأشياء لا أنسى iiقولها جـارتها : مـا أولـع الـحب iiبالحر
فـقالت لـها الأخـرى : فما iiلصديقنا مـعنى وهـل في قتله لك من عذر ii؟
صـليه لـعل الوصل يحييه iiوأعلمي بـأن أسـير الـحب في أعظم iiالأسر
فـقـالت أذود الـناس عـنه iiوقـلما يـطيب الـهوى إلا لـمنهتك iiالستر
و ايـقـنتا أن قـد سـمعت iiفـقالتا مـن الطارق المصغي إلينا وما iiندري
فـقلت فـتى إن شـئتما كـتم iiالهوى وإلا فـخـلاع الأعـنـة iiوالـغـدر
وله في الحكمة أبيات منها:
كـم مـن عليـل قـد تخطـاه الـردى
فنجــا ومــات طبيبــه والعــود
وله في التجمل وحسن المعاشرة قوله :
وعاقبــة الصــبر الجـميل جميلـة
وأفضــل أخـلاق الرجـال التفضـل
ولا عـار إن زالـت عـلى المرء نعمة
ولكــن عــارا أن يـزول التجـمل
وله في الغزل معان مبتكرة منها قوله :
سـقى اللـه ليـلا ضمنـا بعـد ليلـة
وأدنــى فــؤادا مـن فـؤاد معـذب
فبتنــا جميعـا لـو تـراق زجاجـة
مـن الخـمر فيمـا بيننـا لـم تسـرب